– المفاوضات – تضليل وغطاء للابادة الجماعية للشعب الفلسطيني
**المفاوضات: تضليل وغطاء للإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني**
اليمن /*كتب/عبدالله صالح الحاج
منذ عقود، يشهد النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي جولات من المفاوضات التي يُنظر إليها على أنها فرص لتحقيق السلام، لكنها في كثير من الأحيان تتحول إلى أدوات لخداع الرأي العام وتعزيز السياسات العسكرية الإسرائيلية. تتجلى هذه الظاهرة في استمرار الاستيطان والاعتداءات على الفلسطينيين، مما يطرح تساؤلات جدية حول نوايا الأطراف المعنية.
تاريخيًا، كانت هناك العديد من جولات المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بدءًا من اتفاق أوسلو في 1993 وصولًا إلى مفاوضات كامب ديفيد في 2000. ورغم هذه المحاولات، لم يحدث أي تقدم حقيقي نحو تحقيق دولة فلسطينية مستقلة. بل، على العكس، خلال فترات المفاوضات، زادت وتيرة الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، حيث تشير تقارير منظمة “بتسيلم” (B’Tselem) إلى أن عدد المستوطنين زاد بنسبة تتجاوز 40% منذ عام 1993.
على الأرض، تتكرر الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين بشكل مستمر حتى في أثناء جولات المفاوضات. وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، شهدت غزة عدة هجمات عسكرية مدمرة، مثل عملية “الجرف الصامد” في 2014، التي أسفرت عن مقتل أكثر من 2200 فلسطيني، بينهم العديد من النساء والأطفال. كما شهدت السنوات اللاحقة تصعيدًا في العنف، حيث ارتفعت وتيرة العمليات العسكرية الإسرائيلية في عام 2023. مع دخول عام 2025، تتجه الأحداث نحو مزيد من التصعيد، مع أنباء عن غارات مكثفة واعتداءات على المدنيين وتدمير شامل للمباني السكنية، مما يبرز حقيقة أن دوافع الحوار غالبًا ما تتجاهل الواقع الدموي على الأرض.
كان من المفترض، قبل بدء أي مفاوضات، أن يتم إلزام كافة الأطراف بوقف إطلاق النار والامتناع عن القيام بأي عمليات عسكرية عدوانية. هذا الشرط يعتبر ضروريًا لتهيئة بيئة مناسبة للحوار والوساطة. لكن خلال عام 2025، استمرت إسرائيل في تنفيذ عمليات عسكرية، حيث وثقت تقارير منظمات حقوق الإنسان تداعيات هذه الغارات على المدنيين، والتدمير المستمر للبنية التحتية في قطاع غزة، وهو ما يؤكد أن التفاوض في ظل استمرار العنف لا يؤدي إلا إلى تفاقم الأوضاع ويقلل من فرص تحقيق نتائج إيجابية.
تُستخدم المفاوضات من اسرائيل وامريكا كأداة لتخفيف الضغوط الدولية، بحيث تُظهر إسرائيل أنها تعمل من أجل السلام بينما تستمر في اتخاذ إجراءات تعزز قبضتها على الأراضي الفلسطينية. وفي هذا السياق، تعمل الولايات المتحدة على تضليل الرأي العام العالمي من خلال إدعاء وجود مفاوضات في الوقت الذي تزيد فيه إسرائيل من غاراتها الجوية وتنفيذ عمليات الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني، مما يعكس تعارضًا واضحًا بين الخطاب والواقع.
لا يقتصر الأمر على النزاع الفلسطيني؛ إذ يمكن رؤية حالات مشابهة في مناطق نزاع أخرى حيث تُستخدم المفاوضات كغطاء لغزو حقوق الشعوب. يُعتبر النزاع في كشمير نموذجًا آخر، حيث تستمر المفاوضات بينما تُمارس السلطات الهندية سياسة القمع والعنف ضد السكان المحليين. تتشابه هذه التجارب إلى حد كبير مع ما يحدث في حالة النزاع الفلسطيني، حيث تتحول المفاوضات إلى مجرد غطاء لعمليات الاحتلال والممارسات القمعية.
تتزايد الأصوات التي تدعو إلى إعادة تقييم عملية السلام التقليدية واستخلاص دروس من الأخطاء السابقة. تتطلب الحلول المستقبلية التعامل مع جذور النزاع، مثل حق العودة للاجئين الفلسطينيين وتفكيك الاستيطان، بدلاً من مجرد الجلوس على طاولة المفاوضات دون تحقيق نتائج ملموسة.
إن استمرار الغارات والاعتداءات على الشعب الفلسطيني أثناء إجراء المفاوضات يثير تساؤلات جدية حول مصداقية هذه العمليات. إذا كانت المفاوضات أشبه بتغطية على سياسات الإبادة الجماعية والاحتلال، فإنه يجب إعادة النظر في كيفية تحقيق السلام الدائم والعادل. المسار الحقيقي نحو السلام يتطلب أكثر من مجرد محادثات؛ فهو يحتاج إلى الإرادة السياسية الحقيقية والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره. إن فرض وقف العدائيات كشرط مسبق للمفاوضات يمكن أن يشكل خطوة أولى نحو بناء الثقة وإرساء أسس حقيقية للسلام.
تستمر الأحداث في عام 2025 في تسليط الضوء على ضرورة وجود إطار واضح يتضمن وقفًا شاملاً للأعمال العسكرية كشرط أساسي لإجراء محادثات جادة، مما يحتم على المجتمع الدولي التفكير بجدية في كل ما يتعلق بإجراءات السلام.
ترامب وجنون العظمة : التهجير والسيطرة على غزة بين استراتيجية الضغط و الالهاء وتسليط الأضواء
*ترامب وجنون العظمة: التهجير والسيطرة على غزة بين استراتيجية الضغط والإلهاء وتسليط الأضواء…