ماكس شيلر / من فنومونولوجيا القيم إلى الانتروبولوجيا الفلسفية

مصر/بقلم الاستاذ توفيق خمزة

ماكس شيلر

         من “فنومنولوجيا القيم” إلي “الأنثروبولوجيا الفلسفية”.

     مر بنا كيف أن “هوسرل” قد قام بدور شبيه لما قام به”ديكارت” في القرن السابع عشر، وكانت رسالته هي الثورة علي شتي النزعات الاعقلية، والارتيابية، والعدمية، التي قد بدأت تنخر في عظام الحضارة الغربية.

      وضع

“هوسرل”نصب عينيه العمل علي إحياء (المعرفة)، وتمهيد السبيل للعودة إلي نظرة عقلانية إلي العالم والخبرة البشريةولكنه مضي يشق طريقه كما فعل “كانط” من قبل واثقا أن مهمة الفيلسوف هي البحث عن الشروط “الترنسندنتالية” التي تجعل المعني سواء أكان علميا، أو أخلاقيا، أو جماليا، أو دينيا ممكنا، ولكن علي حين أن “هوسرل” نفسه قد حصر كل جهوده في مضمار “الإبستولوحيا” فإن تلاميذه قد امتدوا بالمنهج “الفنومنولوجي” إلي مجالات أخري عديدة.

        فطبقة “شيلر” في “الأكسيولوجيا”

(علم القيم) والأنثروبولوجيا الفلسفية، وطبقة “ثيودور” في “الاستاطيقا (علم الجمال)، واستخدمه “مانهايم” في مضمار علم الاجتماع؛ واصطنعه” رودلف” في مجال علم الأديان المقارن، وأهاب به” نيكولاي هارتمان”في دراسته للأخلاق، فضلا عن تطبيق بعض الوجوديين له في دراستهم” الأنطولوجية”،كما فعل كل من” مارتن هيدجر”و” “وجان بول ساتر”.

        ولكن ربما كان – ماكس شيلر-

من بين جميع تلاميذ” هوسرل”أكثرهم أصالة وأخصبهم تفكيرا، فد حاول أن يطبق المنهج

” الفنومنولوجي” علي الحياة الوجدانية؛ فقد قدم لنا وصفا فنومنولوجيا ممتازا للأخلاق، والقيم، والدين، والتعاطف، والمحبة.. إلخ.

      وعلي الرغم من أن – ماكس شيلر-قد رفض مذهب “هوسرل”، إلا أنه أبدي إعجابا شديدا به، كما حرص علي إدخال هذا المنهج ضمن التراث الفلسفي والروحي للحضارة الاوربية.

        إذ أن – شيلر- قد جمع في فلسفته عدة إتجاهات متباينه، نذكر منها فلسفة الحياة كما عبر عنها “نيتشة” و”برجسون” و”دلتاي”و “بسكال” و”أويكن” فضلا عن فلسفة الروح للقديس “أوغسطين”؛ فكانت حياة – شيلر-الروحية حياة متطورة وخصبة، وإن كان موته المبكر قد حال دون اكتمال فلسفته، فبقيت أنظاره الروحية أقرب ما تكون إلي تأملات متناثرة غير متسقة.!