‫الرئيسية‬ الموعد الجديد الأدبي وجع الدروب للشاعرة التونسية اسمهان اليعقوبي

وجع الدروب للشاعرة التونسية اسمهان اليعقوبي

تونس/متابعة شادي زريبي

“وجع الدروب” مغامرة سردية تتأمل أقاصي الإنسان والوجود
أسمهان اليعقوبي تقترب من الذات البشرية حد التماهي وتبتعد نحو الكون والوجود حد الانفصال

 

تونس- على صقيع القوافي جمر أسئلتي
تجرّني خلفها .. والبوح أشرعتي
ويسجن الحرف مفتونا بروعته
تغفو على غصن قلبي كلّ أخيلتي
قدّي قميص التّنائي..واكسري صنما
لا تهرقي فرحا يسري بأوردتي….
عندما تقرأ هذه الأبيات وتسبح بأخيلتك كي تعانق الجمال، هناك حيث العالم الوردي لن تصدم إلا بذات مرهفة الإحساس ومدركة لعمق المعاني… هي الكاتبة والشاعرة التونسية أسمهان اليعقوبي التي خبرت مفاتيح سر القصيدة ونهلت من نهرها العذب، كي تفتح صفحة جديدة من الكتابة.

في تجربة جديدة لها أصدرت الأديبة أسمهان اليعقوبي مجموعة قصصية جديدة بعنوان “وجع الدروب” بعد خمس مجموعات شعرية، وقد استغلت الكاتبة الخلفية المعرفية بعلم النفس وجسدت ذلك في أقاصيصها.
لا شك أن في شكل أقل من حيث الطول والحجم في العبارات، ومن حيث الجمل التي تبدو هنا أقل كثيرا. فتظهر في شكل مكثف ومختزل بقدر كبير عن القصة القصيرة المعهودة على التلقي والقراءة، والتي أيضًا تحمل البنية الاستعارية والتركيبية، باستدعاءات توحي من الوهلة الأولى بالغموض والإبهام للقارئ العادي، أو حتى من متذوق الأدب بوجه عام. مما يسبب إشكالية تحتاج إلى كثير من الجهد. وذلك بتفكيك تلك الشفرات، ورغم ما كل ما يُقال عن أنه فن مبهم وغامض. هذا أيضًا لا ينفي نوافذ من الطرح الإبداعي داخل تلك النماذج القصصية.
وهنا أرادت أسمهان اليعقوبي في قدرتها المهارية على فن متخفي والتظاهر بأن يقول، وما يرغب ويريد القارئ وراء الجمل البسيطة، والكلمات المعدودة بتقنية الانزياح المتعمد، وسليقة لا تتوفر بسهولة إلا من خلال مبدع أراد أن يحترف لعبة القص من أبواب صعبة المنال كمن يصرح معلنًا: أنا أقول القليل، ولكن بداخلي الكثير. وربما كما يقول جاك دَريدا: “لا تخبر بما تفعل، تظاهر بأنك تخبر بما تفعل، ثم افعل شيئا آخر يخفي نفسَه بنفسه..، ينميها ويحصنها”.
تقول أسمهان اليعقوبي “لا أذكر منذ متى رحلت عني؟ ذلك أني منذ فارقتني حبيبتي، فقدت إحساسي بالزمان والمكان، لم يعد هناك ما يشدني إلى الحياة، ولا شيء يستحق الاهتمام. أهملت نفسي وعملي، حياتي كلها وحتى شؤوني الخاصة، نظرت إلى المرآة، دهشت لما طرأ على سحنتي من تغيير، بدوت غريبا عني، لم أعرفني… هذا الوجه لا يشبهني”.
وتبدو “وجع الدروب” مغامرة سردية جديدة، تقترب فيها أسمهان اليعقوبي من الذات البشرية حدّ التماهي وتبتعد فيها نحو الكون والوجود حدّ الانفصال، وما بينهما يحدث الاشتغال السردي بمبضع الجرّاح الذي بات يعرف كيف يمكن إعادة تشكيل الجرح بما يجعل ألمه مقبولا وممتعا، تقول اليعقوبي “عينان شاردتان، ارتسم فيهما القلق والحيرة والانكسار. وجه فقد كل تعابير الحياة، بدت لحية قد طالت نسيت أن أحلقها أو أني قد تجاهلتها وجفون مثقلة أتعبها السهر والأرق والحنين”.
لوقد ركزت الكاتبة على الشخصية في هذه المجموعة لأنها تدرك أنه لا بد أن تكون الشخصيَّة من أهم تقنيات القص في العمل الفني، لأن الشخصيات تشغل الجزء الأكبر من الحياة عموما، وتثير مشاعر كثيرة وألوان مختلفة من العواطف والأحاسيس وتقوم بابتكار الأفكار بشكل متتالي، والقصة عبارة عن فضاء لعرض شخصيات جديدة، يتعرف عليهم القارئ ويتتبع تفاصيل حياتها، ومن الصعب أن يجدَ الإنسان نوعا من التعاطف مع شخصية لم يفهمها أو يعرفها، لذلك جاءت أهمية التشخيص في فن القصة والرواية.

‫شاهد أيضًا‬

العراق مكتب بغداد/ الساعدي يحضر اجتماع اللجنة القانونية لمناقشة قانون اعادة العقارات المشمولة بقرارات مجلس قيادة الثورة المنحل

العراق / مكتب بغداد كتب الأعلامي الدكتور جمال الموسوي الساعدي يحضر اجتماع اللجنة القانونية…