الربوتيك والذكاء الاصطناعي *مقاربة اخلاقية
الروبوتيك والذكاء الاصطناعي، مقاربة أخلاقية فلسفية
تونس/إعداد: د. مروان المجربي وشادي زريبي
تونس – شهدت الصناعة والأتمتة تطوراً غير مسبوق منذ استخدام أشباه الموصلات في سبعينيات القرن الماضي مما مكن من تصميم أنظمة تحكم أصغر حجماً وأسرع في معالجة وأكثر ذكاء، وإن كانت المسؤولية الأخلاقية دائماً مطروحة مع كل منتوج صناعي جديد انطلاقاً من مبدأ أن تصميم منتج ما له رابط أخلاقي باستخدامه )الألغام المضادة للأفراد كمثال( إلا أن المبحث الأخلاقي مع الذكاء الاصطناعي معقد بشكل أكبر حيث أننا هنا لا نعوض الجهد البشري العضلي بل نسعى إلى تعويض الأفكار والعقل البشري.
إن تناول موضوع من زاوية البديهيات أو أخلاق فضيلة مثل أنه لا يجوز للروبوت السرقة أو الاعتداء أو التلاعب قد لا يعطي صورة أشمل عن المشكلات المطروحة، كما أن المقاربة المبنية على الأخلاقية المعيارية تركز فقط على الاستخدام المسؤول ولا تعطي انطباعاً كاملاً على جزء مهم وهو التصميم أو الصناعة المسؤولة قبل عملية الاستخدام.
إن مزج بين مقاربتين قد يغطي المبحثين الأساسيين: الصناعة والاستخدام، ويمكن من معالجة المشكلات الأخلاقية الأربعة الرئيسية:
أولاً: الخصوصية
سواء كانت خوارزميات ذكاء اصطناعي تجمع معلومات شخصية أو روبوت مزود بحساسات تجمع معلومات فيزيائية، تصبح المعطيات شخصية في مهب ريح، كل هذه معطيات تصبح قابلة للتسليع واستخدام تجاري، وإن كان الحل التقني ممكن من خلال تشويش معلومات فأنه حل مكلف ويجب أن يقترن بقوانين تراعي حقوق المستهلك، حقوق التأليف وسلامة الحياة الخاصة، مع جهازين تنفيذي وقضائي قادرين على تطبيق القوانين.
ثانياً: التلاعب بالسلوك
انطلاقاً من المعلومات المجمعة تتمكن الخوارزميات من استهداف أحسن للأشخاص، من خلال أذواقهم واهتماماتهم، وهذا ما يؤدي إلى دفعهم من خلال الإعلانات المدفوعة والمكثفة لشراء منتج معين، كما يشمل تلاعب تعديل صور أو فيديوهات للدعاية سياسية مثلاً.
الأمر هنا يشبه شرب ماء البحر كل ما تشرب منه كل ما تزداد عطشا بما معناه كل تواصل مع أنظمة المعلومات يعني تجميع أكبر للمعطيات مما يحسن استهداف.
التلاعب أيضاً يشمل العلاقة بين إنسان وروبوت، قد نجد روبوتات ينطوي التعامل معها على خداع أو تهديد، مثل ما روج على روبوت صيني في شكل أنثى يؤمن تعامل عاطفي مع المستخدم، ويعلم المختصون أنه تقنياً من الصعب جداً تأمين حركة انسيابية للمفاصل مشابهة للحركة البشرية من خلال محركات تيار المستمر، فما بالك بخلق وعي أو تعاطف من روبوت وهو أمر يعد أكثر تعقيد، إذاً هكذا إعلان ربما يحوي خداعاً تجارياً مستغلاً الميل البشري الفطري.
ثالثاً: الشفافية
أحد أهداف الذكاء الاصطناعي هو تحسين اتخاذ القرار من خلال نمذجة مجموعة من معلومات، ولكن يجب أن ينطوي هذا الموضوع على شفافية في كشف نماذج حسابية ومعلومات حتى يتمكن مستخدم من تعديل معلومات متحيزة، في حالة تعتيم والاكتفاء بالنتيجة قد نتحصل على قرارات متحيزة وغير منطقية.
رابعاً: فرص العمل
أثبتت تجارب سابقة أن كل تقدم تكنولوجي يقضي على وظائف كما يخلق أخرى، وأن مشكلة فقدان فرص عمل مرتبط أساساً بالسياسة اقتصادية للبلاد ومكانتها الصناعية، مثلاً من الطبيعي أن تتناقص فرص عمل فلاحي جراء مكننة، لكن مكننة تخلق وظائف صناعية لتوفير الآلات، لكن إن كنت تعيش في بلد غير صناعي ستستورد الآلات الفلاحية دون خلق مواطن شغل صناعية.
الأمر لا يختلف كثيراً في حالة الذكاء الاصطناعي وروبوتيك، مع إضافة بسيطة تتمثل في سوق عمل سيتجه لقطبية ثنائية، فرص عمل كثيفة للمهن ذات محتوى تكنولوجي عال، وفرص عمل لمهن يدوية بسيطة ذات تكلفة أقل من استعمال الآلة، أما المهن الوسطى من خدمات مصرفية أو محاسبة أو إدارة ذات تأهيل علمي متوسط فهي أكثر عرضة للاندثار.
كيف دمرت الهجمات الصاروخية الايرانية القواعد العسكرية للاحتلال و عطلت دفاعاته الجوية كاملة
“كيف دمرّت الهجمات الصاروخية الإيرانية القواعد العسكرية للاحتلال وعطلت دفاعاته الجوي…