‫الرئيسية‬ الموعد الجديد الأدبي قصة قصيرة/ صانعة الأبطال ؛ للكاتب العراقي محمد علي ابراهيم الجبير
الموعد الجديد الأدبي - 2 فبراير، 2023

قصة قصيرة/ صانعة الأبطال ؛ للكاتب العراقي محمد علي ابراهيم الجبير

 

العراق/متابعة الاعلامي جمال الموسوي

 

قصة قصيرة بعنوان /صانعة الابطال

صالح رجل في الخمسين من عمره ، معروف بالسيرة الحسنة والعلاقات الطيبة مع جيرانه ومع جميع المتعاملين معه في السوق صادق ومستقيم في كل شيء ، عائلته المتكونه من بناته السبعة وزوجة الطيبة المؤمنة امينة ،سمعتهم جيدة جداً في المنطقة ..
امينة المؤمنة تدعوالله ان يرزقهم ولداً يكون عونا لوالده عندما يكبر ،استجاب الله سبحانه وتعالى الى دعواتها وحملت ، وكان زوجها صالح خائفاً من هذا الحمل ان تكون زوجته حامل ببنت ، ويدعو من كل قلبه ان يرزقهم ولداً ،وعندما جاء موعد الولاده ، وكان المولود ذكراً اطلقوا عليه اسم نعمه، لانه فعلا نعمه لولادته بعد سبعة بنات ،صالح لم تسعه الدار من فرحته ، وعم الفرح على جميع اهل البيت وخصوصاً البنات السبعة .واكثرهم فرحاً امينة الطيبة التي لايغمض لها جفن ، تبقى ساهرة على الولد رغم انه نائم نوماً هانئاً..
مرت سنة على ولادته ، اخواته يحملنه ولايضعنه في فراشه اوعلى الارض، فمن حضن البنت الكبيرة الى حضن الاصغر والاصغر ، يتسابقن على حمله والام دائمة النظر اليه؛والاب عند دخوله الدار يأخذ نعمه على صدره ويشمه ،ويقبله مرات ومرات ولاينزله من صدره الابعد الحاح البنات ، كل واحد تريد ان تحمله ،ولما اصبح عمره سنتين ، لم تتركه اخواته يمشي بحريته بل تتناوب عليه اخواته برعاية غير طبيعية..ومرت السينين ونعمه لم يرى الشارع ، ويقضي كل وقته يلعب مع اخواته وخاصة الصغار منهن ..
تركت ام نعمه شعره دون حلاقة ،واصبح يشبه اخواته في كل تصرفاته،وعلى اقل شيء يبكي ، وعندما يبكي يلبى له كل طلباته ،كيف لا وهو الولد الوحيد النازل على سبع بنات في البيت ..
اصبح عمر نعمه سبعة سنوات ، واستوجب دخوله في المدرسة ،ذهب والده ووالدته معه الى المدرسة ، ولاول مرة يخرج فيها الى الشارع ويشاهد الاولاد الذين بمثل سنه ،يلعبون ويمرحون .ولم يشاهد اي واحد منهم شعره طويل مثله ،لاحظ ان الاولاد يضحكون عليه ويتغامزون ويقولون هذا بنية وعندما دخولوا الى ألمدرسة ،طلب مدير المدرسة من والده حلاقة شعره ولايجوز ان يباشر في الدوام وهو على هذه الهيئة ، وإلا سيكون محل سخرية لزملاءه التلاميذ ،لم يوافق نعمه الذهاب الى الحلاق لحلاقة شعره ، واخذ بالبكاء والنحيب وكان خائفاًجداً،قال صالح لزوجته لاحاجة لنا بالمدرسة ،وأني لااتحمل بكاء نعمه ، قالت له : انا كذلك لااتحمل ان ارى دموعه على خده ، ولكن المدرسة ضرورية له ،ليتعلم فيها القراءة والكتابة ،وبعد ترغيبه وتشجيعه ، اتفق والده مع والدته ان يخفف من شعره فقط ، نجحت محاولاتهم وتوسلاتهم مع نعمة وافق على تخفيف الشعر وفي اليوم التالي ذهب مع والدته الى أن اوصلته الى باب المدرسة ؛وعندما دخل في المدرسة ،لأول مرة لوحده ، التف عليه بعض التلاميذ واخذوا يسخرون منه ، ويصفقون ويصحون هذا البنيه ؛ هذا البنيه؛ وهو لايعرف الا البكاء خلصه مدير المدرسة منهم ؛ بعد ان عاقب قسم منهم وطرد الباقين ، إلا أن المشكلة لن تنتهي ، ففي الفرصة الثانية عاد الاولاد وغيرهم من التلاميذ للضحك عليه ،وهو لايعرف ان يدافع عن نفسه ، سوى البكاء والوقوف بباب غرفة المدير ؛؛
في اليوم التالي رفض نعمه الذهاب الى المدرسة ،واستمر بالبكاء،اشفق والديه عليه ووافقا على ترك المدرسة دون ان يفكرا بالنتيجة!
وأمر صالح بناته بتعليمه القراءة والكتابة فقط ،وشب نعمه على هذه التربية والدلال ، ولم يخرج الى الشارع ، ولم يتعرف على اي شاب ،وكان يقضي وقته مع والدته امينة في المطبخ ، يسألها عن كيفية طبخ الطعام ،تزوجت اخواته السبعة الواحدة بعد الاخرى ولم يبقى في البيت سوى نعمه ووالديه ،وكان يختبيء عندما يزورهم احد ازواج اخواته ، ولا يلتقي باحد منهم ،وعندما وصلت امور نعمه لهذا الحد ، ندم صالح اشد الندم على اسلوب تربيته، وكان يعتقد ان هذه التربية بعدم السماح لولده نعمه بالاختلاط مع اقرانه ، واللعب معهم ، وتركه المدرسه هي حماية له ، وثبت له العكس تماماً، وها هو ولده لايعرف من امور الحياة اي شيء ، ويخاف من الخروج الى الشارع الا مع والدته لمحل المواد الغذائية المجاور الى
بيتهم لشراء بعض الحاجات الضرورية للبيت؛؛ولايوافق ان يذهب مع والده للسوق ، وكان والده هو السبب في ذلك ، ولو انه عوده الخروج معه الى المحل لكان اليوم افضل واحسن ، و تنبه صالح لهذه الامور بعد فوات الاوان ،وكل ذلك من حرصه على نعمه من الحسد ومن اي خطر مجهول حقيقة اصبح نعمه مشكلة لصالح وزوجته لاحل لها، نعمه اصبح شاباً ومستحق الزواج ، وكان صالح يأمل ان يزوج ولده نعمه ، ويتمتع بمشاهدة احفاده منه ، وهاهو رجل يشبه الى حد كبير ببنت البيت التي لم تعرف احد لا يعرف الا البكاء والدموع التي تسيل من عينيه ،رغم هذا فان منظره شابا وسيما ، تتمناه كل فتاة اذا رأته لاول مرة ! والده حاول ان يجد له زوجه ، من الجيران او من الاقارب ، لم يجد عائلة توافق على تزويج ابنتهم لشاب مائع يشبه البنات قال صالح في نفسه كانت أمنيتي أن يكون عندي ولد يستلم عملي ويرثني مالي ويكون سندا لي ولبناتي ، وهذا ولدي حتى البنات افضل منه تزوجن وذهبن الى بيوتهن وانجبن البنات والبنين ،وأخذ يفكر وهو مهموم تذكر له صديق قديم شهم كله رجولة وصاحب مواقف طيبة ، ذهب له في اليوم التالي وقص عليه مشكلة ولده نعمه وطلب منه مساعدته لحلها .وايجاد زوجة له، ضحك صديقه وقال له: اخي صالح انا عندي سبعة اولاد كل ولد معتمد على نفسه ، ويساوي عشيرة كاملة في رجولته وفي عمله واصبحوا اعلام في المجتمع..
عندي بنتا واحدة اصيلة تشبه امها ، تعلمت منها تربية اخوانها الصغار وتعاونت مع والدتها في امور البيت وانها تشبه اخوتها، في صلابتها وحسن تصرفاتها العقلانية ، عاقلة رشيدة ،وسوف ا
أُعْلمها بقصة نعمه، واعرض عليها الزواج من ولدك نعمه ،لم يصدق صالح ما قاله صديقه عقيل ، بعد ان عرف تصرفات ولده نعمة الغير رجولية ، وقال في نفسه لابد ان يكون لديه امكانية لحل مشكلة ولدي الكبيرة،وعرفت سكينة بنت عقيل قصة نعمه وما آلت اليه نتائج تربية صالح له ،قالت لابيها : ياوالدي لك الامر اولاً وآخراً، وبعد موافقتك ، انا لامانع لدي من الزواج منه بشرط ؛
– وماهو الشرط؟
– انا اريد ان ابدأ معه من الصفر!
– لم اعرف ماذا تقصدين ؟
– اعيد النظر في تربيته من البداية؛
– كيف ؟
– ادخله الى المدرسة ليتعلم ويحصل على الشهادة ؛
– كيف يدخل للمدرسة وهو بهذا العمر؟
– نعم وفي هذا العمر ؛
-والشرط الاخر ؟
– يطيعني صلاحية التعامل معه في كل شيء آمره ؛وآناه؛
-سأقول لوالده بالشروط ؛
-كما ارجو ياوالدي ان يوافق والده بان لايتدخل بيني وبينه والكف من معاملته بطريقة الدلال السابقة ، حتى اتمكن من ان اعيده الى الحياة الطبيعية التي يعيشها الشباب من جيله ؛ولايحق لصالح او زوجته امينة ، التدخل بيننا مهما كانت الظروف ، حتى في طلب المساعدة من قبله ، بشأن التعامل معه ،وسوف استطيع أن أعيد تربيته من جديد ؛
وأبلغ عقيل صديقه صالح بكل شروط ابنته ..وقال له:-
اذا وافقت انت وزوجتك أمينة بهذه الشروط، فلا مانع لدى سكينة بالزواج منه ؛وافق صالح وقبل ان يأخذ رأي زوجته امينة ،وعند رجوع صالح الى البيت قص على زوجته مادار بينه وبين والد سكينة؛
امينة ام نعمه فرحت فرحاً كثيراعندما سمعت ان سكينة وافقت على الزواج من ولدها نعمه وعرفت ان شروط سكينة من مصلحة ولدها .؛
لم تخفي امينة فرحتها بايجاد حل لمشكلة ولدها وكانت هي وزوجها السبب في وصوله الى هذه الحالة ،ابلغ صالح والد سكينة بموافقةزوجته امينة وشكرها له، وتعهد له بعدم تدخلهما ،بمعاملة سكينة لولدهم نعمة مهما كانت المعاملة وكل ذلك من اجل مصلحة ولدهم ؛؛
جاء اليوم الموعود لزواج نعمة المايع ، على العاقلة الرشيدة سكينة التي لاتختلف عن اخوتها السبعة في شدتها وصرامتها ؛؛
وسكنت في بيت مستقل مع زوجها نعمة ، الذي خرج من بيت امه وابيه لاول مرة في حياته باكياً. ولكن هذه المرة يخرج برضا امه وابيه ؛
في اول يوم دخول نعمه الخجول على زوجته سكينة ، استقبلته بلسان معسول وترحيب لم يألفه من أحد ، وشجعته وقالت له انك شاب وسيم ، واصبحت رجلا ، والرجل لايستحي من زوجته ، والمفروض في هذا اليوم انا اكون خجولة وليس انت ؛رفع رأسه لها ، وعندما شاهدها اصابته رجفة قوية لانه لاول مرة يختلي بأمرأة ، كما ابهره جمالها الباهر، ومفاتن جسمها ، الظاهره من خلال ملابسها الشفافة ،وشعر بان قلبه سيخرج من صدره من شدة مارأى ؛ وعرفت سكينة انه ذاب في حبها ،و كانت فاتنة وجميلة جداً وكلامها له رنة عجيبة ،اجلسته امامها ، وبينت له بصراحة تامة خطأ تربية اهله له الى ان اصبحت تصرفاته كتصرفات البنات وهذا غير مقبول منه وانها من الان فصاعداً ستكون له مثل والديه من اجل حمايته ورفع سمعته ، وتحسين احواله ، وانها من اليوم فصاعداً،
سأكون بخدمتك ولم أترك رعايتك حتى تكون رجلا بطلا أحتمي تحت ظلك ،وتحمي وترعى اولادك في المستقبل، وتكون لك مكانة في المجتمع ..
ولايحصل ذلك الا بفسح المجال لي بتنفيذ خطتي ،وماعليك الا الطاعة لكل ماأريده من اجل ان انقلك من وضعك الحالي لتكون لي زوجا قويا محترماً من الجميع ،وافق نعمه على كل كلمة قالتها له ، بعد ان سمع الحقائق التي
قالتها سكينة ، بشأن تربيته ووضعه الهش والضعيف ؛؛ولم يشعر نعمه في اي يوم من الايام انه رجلا قويا بل كان يشعر كما تشعربه البنت ، من ضعفها ، وحاجتها الى من يحميها ؛وكان يشعر بعجزه عن القيام بعمل اي شيء ،ومن اول ليلة علمته عما يجب عليه، وادى عمله ذلك بنجاح ؛
في صباح اليوم التالي ، ايقضته من النوم في الصباح الباكر وطلبت منه احضار الفطور من السوق ، بالسرعة الممكنه ، وقالت له سوف اخرج معك هذااليوم فقط ،لتتعرف على محلات البيع وسوف تقوم وحدك مستقبلاً،وخرجت معه لشراء الفطور ، واعتاد على ذلك يومياً ، وتعلم ان يستيقظ صباحا ومبكراً، وكان عند اهله لايستيقظ الافي ساعة متاخرة من النهار؛؛وخلال الايام الاولى من الزواج ، كانت سكينة تخرج معه يوميا الى الاسواق ، والتجول في المدينة، الى ان أدخلت الاطمئنان في نفسه ، وشعر في داخله انه رجلاً لاينقصه شيء و بامكانه الذهاب للسوق لوحده لشراء ما يحتاجه البيت من اللوازم المتنوعة ،ومن خلال تجوالهم في المدينه ، تعرف على مساكن اخوان زوجته سكينة ،وبعد مرورمدة اكثر من شهر، طلبت منه الذهاب الى بيوت اخوانها ، لتقديم دعوة لتناول الغذاء هم وازواجهم واولادهم ، حضر اخوانها السبعة مع عوائلهم ،استقبلهم نعمة كرجل البيت وتم اللقاء في جو يسوده الاحترام والتقدير من كلا الطرفين ..
وبعد مروركم يوم طلبت منه الذهاب الى والديه لدعوتهم لتناول الغداء ؛؛
وعند دخوله على والده ووالدته الذين تفاجئوا بمقدمه ، لم يصدقا ان الذي امامهم هو نعمه الخجول ،فقد كان منتصب القامة رافع الرأس وبملابس رجوليه ، وقد تغير كل شيء فيه ، حتى صوته ،وبعد ان عانق والدته ووالده ، ودعاهم لتناول الغداء عنده غداً .. ودعهم على امل اللقاء بهم في اليوم التالي على الغداء ..
في اليوم التالي استقبلت سكينة ومعها زوجها نعمه ، صالح وزوجته امينة بالتقدير والاحترام، وبحضور عقيل والد سكينة ، وبعد تناول الغداءطلب نعمه من والده ، ان يوافق على الاشتغال معه في المحل ،اجابه والده صالح انه اليوم الذي كنت اتمناه و لم استطع ان احققه بسبب دلالي الخاطيء لك ، ياولدي اعلم ان المحل وما فيه مسجل باسمك وكنت أنتظر هذا اليوم بفارغ الصبر ، احمد الله واشكره على فضله الكبير واشكر هذه البنت الاصيله الطاهرة على ماقامت به من جهود للارتقاء بك الى هذا المستوي ،والشكر والتقدير لصاحبي الوفي الحاج عقيل والد سكينة ،المربي الفاضل ؛؛
في اليوم الثاني حضر للمحل وباشر في العمل ووالده لم يصدق مايرى ؛ واصبح نعمة من الرجال الذين يعتمد عليهم .
قدم طلبا للمدرسة لاجراء الامتحان للصف السادس الابتدائي وحصل على الشهادة واستمر في دراسته المسائية للمتوسطة وبعدها الثانوية وتحقق لسكينة ما ارادت من حصول زوجها على الشهادة الاعدادية ،وخلال الخمسة سنوات من زواجهما ، انجبت سكينة خمسة اولاد كأنهم الاقمارفي غاية الصلابة والرجوله كأخوالهم ،والد نعمه ووالدته عمهم الفرح والسرور وهم يشاهدون اولاد نعمه وقد اصبحوا من شباب المنطقة المعروفين باخلاقهم الراقية والتربية الحسنة ،
توسعت تجارة نعمه واصبح من اعيان البلد ، ومحط اعجاب اخوة سكينة واعجاب اخواته وازواجهن ؛كل ماحصل الى نعمه وانتشاله من وضعه السابق الى مكانته الحالية ونشأت اولاده البطولية،يعود لهذه المرأة العظيمة سكينة صانعة الابطال ..
محمد علي ابراهيم الجبير

 

‫شاهد أيضًا‬

المركز الدولي القيم الإنسانية والتعاون الحضاري: ونشاط الدكتور فرنسوا دروش الدؤوب في الدفاع عن حقوق الانسان

مكتب المغرب/ متابعة الأعلامي الدكتور صلاح عنترة #المركز الدولي_ للقيم_ الإنسانية و التعاون…