‫الرئيسية‬ الموعد الادبي قصة قصيرة / غيرة النساء :: للكاتب العراقي محمد علي ابراهيم الجبير

قصة قصيرة / غيرة النساء :: للكاتب العراقي محمد علي ابراهيم الجبير

 

 

 

قصة قصيرة بعنوان / غيرة النساء

العراق مكتب بغداد /متابعة الاعلامي جمال الموسوي

في احد ليالي الشتاء البارد،تجمعت الغيوم السوداء ، واصبح الظلام الشديد يلف سماء المدينه المطلة على النهر ، مما زاد موقعها في برودة الهواء، بحيث لايستطيع احد ان يمشي في الشارع بسبب هبوب الرياح الشماليةالباردة جداً، و شدة الظلام ؛؛ ولا يستطيع الانسان ان يخرج من بيته ما لم يتدثر بملابس ثقيلة حتى يستطيع ان يواجه الرياح العاتية ..
مع هذه الظروف الجوية السيئة انقطع التيار الكهربائي مما زاد في شدة الظلام ، وانعدام الرؤيا في الطريق ، وكان البرق الخاطف يبدد الظلام ، بين فترة واخرى ، ويسمح برؤية الطريق ؛
ويزيد من وحشة الظلام الاصوات الرعدية المرعبة ؛كأنها اصوات قذائف مدافع كبيرة ؛؛
وفي مثل هذه الظروف الجوية السيئة ، يفضل كل انسان المكوث في البيت وعدم الخروج منه ، كي لايعرض نفسة للاخطار التي قد تحدث له من هذه الظروف الجوية السيئة خارج البيت؛
كان الاستاذ فريدهوالشخص الوحيد من عائلته الذي مازال مستيقضاً في غرفته يقرأ في كتاب تاريخي ، اما زوجته واولادها فهم في نوم عميق ؛؛
كانت الساعة تشيرالى الواحده بعد منتصف الليل ، سمع صوت محرك سيارة كبيرة امام باب داره .وسمع رجل يصرخ بانني لااستطيع ان اقف الا هنا ولااستطيع الوقوف امام باب داركم لوجود المياه المتراكمة امامه كما ترى، ويظهر انه سائق السيارة.
ذهب لغرفة زوجته وايقضها:
-ام زينب اسمع صوت محرك سيارة كبيرة قرب باب دارنا، كما اسمع صوت سائقهاوهو يصرخ بعدم استطاعته الوقوف امام الباب
– نعم ان الدار التي بجانب دارنا تم تأجيرها الى رجل من محافظة بغداد نقل عمله الى محافظتنا، وكان من المفروض ان يصلوا ظهرهذا اليوم،ويظهرانهم وصلوا في هذه الساعة المتأخرة من الليل ؛
– من اين تعرفين ذلك ؟
– جارتنا ام قيس هي التي اعلمتني ، لان الدار قد تم شراءها من قبل زوجها قبل شهروعرضها للايجاروجاءه رجل من بغداد ،
واتفق معه على الايجار وذهب لنقل عائلته ؛؛ولم يصلوا الا في هذه الساعة المتأخرة من الليل ؛؛
– المفروض ان يحمًل الاثاث قبل يوم وفي اليوم الثاني يتوجه الى محافظتنا ليصل في منتصف النهار وليس في نصف الليل ؛
– يجوز ان التاخير حدث بسبب عطل في السيارة؛
– الله اعلم ؛
واشد هطول المطر وسمع اصوات اطفال تتعالى ، فتح ابو زينب الباب ، وجد امرأة واربعة اطفال في باب داره وهم في اتعس الاحوال، ملابسم مبللة ويرتجفون من شدة المطر والهواء البار؛ ملتصقين بامهم خوفاً من الظلام الدامس واصوات الرعد العنيفة ، والبرق الذي يظهربين الحين والأخر؛
ادخلهم ابو زينب وزوجته الى غرفة الضيوف ، مرحبين بهم،قدم لهم المدفأة النفطية ، وقدمت ام زينب الملابس للاطفال من ملابس اطفالها كما قدمت لوالدتهم ملابس من ملابسها ؛
ونادى ابو زينب السائق وصاحب العائلة بان يتفضلوا بالدخول الى البيت ؛اعتذرصاحب العائلة اول الامرمن الدخول الى البيت متعللاً
بانه سوف يبقى مع السائق داخل السيارة خوفاً على الاثاث من السرقة؛ رفض ابو زينب ذلك بشدة واجبرهما على الدخول الى غرفته، وفوردخولهما،اشعل لهم المدفأة النفطية الثانية ،وبعد تغير ملابسهم جلسا حول المدفئة ..
كما غيرالاطفال ووالدتهم ملابسهم وجلسوا حول المدفأة ، وبدأ الدفىء يدب في اجسامهم وشعروا جميعاً بالدفيء والراحة ، بالرغم من استمرار سقوط المطر واصوات الرياح و الرعد خارج البيت
طلب ابو زينب من زوجته اعداد العشاء لهم الا انهم اعلموا ابا زينب بانهم تناولوا العشاء في احد مطاعم الطريق..
قدمت ام زينب الى الاطفال ووالدتهم المتوفر في البيت من التمر والدبس والراشي ،واجتمع اطفال ابو زينب واطفالهم حول مائدة الاكل يأكلون ؛كما ارسلت بيد احد اولادها ايضا كمية من التمر والدبس والراشي الى جارهم الجديد والسائق وجلس ابو زينب معهم وباشروا في الاكل ، وبدأ ان بان الارتياح على الجميع ؛
وبعد استقراهم دار بينهم الحديث وسألهم ابو زينب :
– ماهوسبب تاخيركم لهذه الساعة المتأخرة من الليل ومعكم العائلة والاطفال بهذا الجو البارد والمطر الغزير ؟؟
– سبب تاخيرنا هو الخلل الذي اصاب السيارة ،وانتظرنا مجيء المصلح ولم يتم التصليح الا بعد ان حل علينا الليل ، وباشرنا السير بعد ان اكمل المصلح تصليحها، وعند وصولنا للبيت منعنا كثرة المياه ( المتجمع على شكل بركة كبيرة ) من الوقوف امام باب دارنا ولم نقف الا في باب داركم لعدم وجود الماء امامه لاارتفاعه عن مستوى الشارع بكثير
– الحمد لله على سلامتكم واهلاً ومرحباً بكم ..
– الله يحفظك ابا زينب وموقفكم هذا لاينسى ؛
– اخي نحن اخوة وانشاء الله لافرق بيننا ولاسيما انت اصبحت جار لنا يعني اخ لنا ، وخدمتكم واجبة علينا ، فاهلا بكم ومرحباً ، واردف قائلاً:
– الا تسمعون فقد توقف المطر، وهدأت الرياح وانقطع صوت الرعد؛كانت الساعة تشير الى الخامسة صباحا ،وهيأ ابا زينب الفراش،اخلد الجميع الى النوم بعد الصلاة ، ولم يستيقضوا الا في الساعة التاسعة صباحاً، عدا ام زينب فانها استيقضت قبلهم بساعة كاملة استطاعت خلالها اعدا د الفطور لهم .
وبعد تناول الفطور خرج السائق وجارهم ، وجدوا السماء خالية من الغيوم وبلونها الازرق البهي ، والشمس ساطعة وناشرة جدائلها الذهبية ، حاملة معها الدفيء والشعور بالارتياح التام ..
وكأن ذلك الصباح من ايام الربيع ؛ سمعوا زقزقة الطيور،وهي طائرة في السماء الصافية ،وقسم منها ينزل الى الارض ليشرب
من بقايا مياه الامطار القليلة والتي لاتزال في اماكن متفرقة من
الشارع ،الذي تخلص من المياه الكثيرة ،لتسربها في المجاري. استطاع السائق تحريك سيارته والوقوف امام دار جارهم سالم ، وتم تنزيل الاثاث من قبل العمال الذين حضروا بمجرد مشاهدتهم السيارة المحملة بالاثاث ؛؛ارادت جارتها افراح الذهاب مع اولادها الى بيتها ، بعد ان قدمت الى ام زينب امتنانها و شكرها على كرمهم وحسن استقبالهم وقالت لها:
– اني عاجزة عن التعبير عن شكرنا وتقديرنا لكم على كرمكم وحسن استقبالكم ولولاكم لتعرضنا نحن و الاطفال للامراض من شدة وقوة الرياح الباردة جداَ، ومن غزارة سقوط المطر الذي بلل ملابسنا لعدم وجود اي مكان نلوذ به سوى باب داركم ؛؛
– اختي افراح انت اخت لي لااقبل ان تعيدي هذ الكلام وهذا بيتكم ؛
وبودي ان اذهب معك لمساعدتك بترتيب اثاث البيت ولكني ابقى هنا لاعداد الغداء لكم ..
– هذا كثير ام زينب يكفي كرمكم ليلة البارحة وما سببناه لكم من ازعاج وسلب راحتكم ؛
– لاازعاج ولا غير ذلك ، بل بالعكس تشرفنا بكم وبقدومكم ، وما قمنا به هو ابسط الواجبات المفروضة علينا؛؛
وبعد تبادل القبل والتحيات خرجت افراح مع اولادها الاربعة الى بيتهم ، واكدت عليها ام زينب ان يحضروا وقت الغداء؛
ام زينب كريمة الاصل والنفس ، تحب مساعدة الناس بما تستطيع ،
بشوشة لاتنطق الا بأحسن الكلام ،ذات اخلاق راقية جداً ،عمرها لايتجاوز الثلاثين عاماً ، وعند اكمال دراستهاالاعدادية ، تزوجت ابن عمها فريد ، بعد ان احبها وهي الفتاة السمراء والتي هام بها وابرزما في جمالها اخلاقها وسحر كلامها ..
اما زوجها فريد فهوانسان طيب ، شهم كريم النفس ،يتطابق مع زوجته في اغلب طباعها من حب الناس ومساعدة الاخرين واحترامه للكبير والصغير لهذا فان الجميع يحبهم ويحترمهم ..
وبفارغ الصبر كان فريد وزوجته ام زينب واولادهم الخمسة ينتظرون وصول جارهم الجديد سالم وزوجته الجميلة جداً واولاده الاربعة لتناول الغداء معهم؛؛
عند حلول الساعة الثانية بعد الظهر وصل الجار الجديد سالم مع زوجته افراح واولادهم ،كان في استقبالهم ابو زينب وأم زينب واولادهم ،مرحبين بهم وفرحين ،ادخلوهم الى غرفة الضيوف الواسعة وكانت مفروشه باحسن السجاد تتوسطها المدفأة النفطية ..
والاكل جاهزمهيأ على السماط (السفرة) المفروش على الارض ، وجلس الجميع حول السماط على الترتيب التالى :
ام زينب وتقابلها جارتها افراح ؛
ويقابل فريد جاره سالم ؛
والبنات تقابل البنات والاولاد يقابلهم الاولاد ؛
وتناولوا وجبة الغداء وهم يتبادلون الطف الاحاديث ،وكانوا سعداء جداً وكأنهم اهل ويعرف بعضهم البعض من زمن بعيد..
وبعد انتهاء الاكل وشرب الشاي ، نهض سالم ونهضت معه زوجته وقال سالم :
– تسمح لنا اخي الغالي ابا زينب بالذهاب الى البيت، وانا عاجز عن التعبير عن شكرنا وامتنانا على كرمكم وحسن ضيافتكم ، والشكر موصول الى اختي العزيزة ام زينب ، لقد سببنا لها الكثير من السهر والتعب ، قالها وهو مبتسم وينظر الى ام زينب؛
– ردعليه فريد ( ابو زينب )العفو اخي سالم هذا واجب علينا ؛؛
– استقبالكم لنا وتعاونكم معنا ادخل السرور على نفوسنا ؛
استأذنت ام زينب من زوجها أن يسمح لها بالذهاب معهم لغرض مساعدة افراح في اكمال ترتيب اثاث البيت ..
رحب سالم ابو دلال بمجيء ام زينب لهم لمساعدة زوجته افراح في اكمال ترتيب الاثاث ؛؛وقال لها أهلاً وسهلا نتشرف بوجودك معنا ؛؛ويظهر ان زوجته افراح اصابتها الغيرة من ام زينب ،وهي تنظر الى زوجها سالم وهو يرحب بام زينب ويبتسم لها ؛؛قالت لها ام دلال :
-لاداعي ان تكلفي نفسك يا أُم زينب ، فلم يبقى الا القليل من ترتيب الاثاث ؛الا ان أم زينب على نيتها الصافية وطيب اخلاقها ، وحبها لمساعدة الاخرين؛؛ اصرت بالذهاب مع افراح ام دلال بالرغم من التعب والسهر ؛افراح بان على وجهها الامتعاض وعدم الرضا لهذا الاصرار؛ الا ان ام زينب لم تنتبه لآنزعاج ام دلال وعدم رضاها في مساعدتها ؛؛
واستمرت بالعمل بترتيب الاثاث ، وبعد ساعة استأذنت من ام دلال
بالذهاب الى بيتها ؛وردت عليه ام دلال ببرود ، حسبت ام زينب ان ردها البارد بسبب تعبها في ترتيب البيت ، ولم يخطر ببالها ان ام دلال شكت بها ، وغارت منها ؛؛ كونها تتكلم مع زوجها بحريتها ؛
وبعد ذهاب ام زينب بخمسة دقائق التفت ام دلال الى زوجها ؛
– انا لااريد دخول ام زينب الى بيتنا !
-ماذا تقولين ؟
– الذي سمعته لااريدها تدخل علينا ابداً
– لماذا ؟ ماهو السبب لهذا الطلب الغريب ؟ وهل بدر من هذه المرأة الطيبة غير الكرم والتعاون معنا ؟ وهل هذاجزاء معروفها معنا؟
-انا لاحظت كيف تتكلم معك وأنت تبتسم لها، وكأنها تعرفك من زمن بعيد ؟
– اولا انا لااعرفها الا ليلة البارحة ؛ واذا تكلمت معها ؟ ماذا خطر ببالك ؟ انها امرأة فاضلة وكريمة ؛ وزوجها رجل كريم فتح لنا بيته وآوانا ولولاهم لكان مبيتنا في الشارع تحت المطر والبرد الشديد وربما يموت احد اولادنا او كلهم من شدة برودة الهواء الذي لايطاق ؟
-لااريدها ولا استطيع تحمل رؤيتها في بيتي ؛
– هل جننتي يا امرأة ؟
– نعم جننت ؛ وسنعود الى بغدا د ؛ وإن شئت ان تبقى بقربها فهذا الامر راجع اليك ؟ولكن طلقني اولاً وسأذهب انا واولادي الى اهلي في بغداد؛؛
– ان هذا الكلام لايليق بك ؛ انها متزوجه ومحترمة . وزوجها محترم ولايجوز مقابلة احسانهم بهذا الكلام الذي يدل على وجود خلل في دماغك ؛؛
– المهم انا قلت لك رأيً ؟ وانني مصممة على العودة الى بغداد : ولن ابقى مجاورة لهذه المراة ؟
– اصبري لعدة ايام الى ان اجد بيتا غيره في المدينة ؛
-ابدا لن ابقى في هذه المدينة ؛ ويجب ان تقطع علاقتك معهم :
– أكيد انك جننت ؛؛
-احسبها كما تشاء ؛؛
فكر سالم بما قالته زوجته ، هل يطلقها على هذا الموقف وهذا الكلام الغير مقبول ؟؟
او يحافظ على عائلته ويرجع الى بغداد ويتحمل نتائج تصرف زوجته المشين الناكر للجميل ؟
اخيراً اضطرالرجل استئجار سيارة في نفس الليلة ، وسافر الى بغداد عند منتصف الليل ؛؛وترك البيت مقفولاً ودون ان يخبر جاره ابو زينب ؛أو يودعه؛ في صباح اليوم التالي ، طرق ابو زينب الباب عليهم لتقديم المساعدة لهم لأي شيء يطلبونه ، فلم يرد عليه احد ؛الا ان احد اولادالجيران اعلمه بانه شاهدهم في منتصف الليل ذهبوا بسيارة من السيارات التي تذهب الى بغداد ؛؛قال ابو زينب في نفسه يجوز جاءهم خبر وفاة احد اقاربائهم وسافروا على عجل من امرهم ؛بعد اسبوع وقفت سيارة كبيرة في باب دار ابو دلال المؤجرة في منتصف الليل ، وتم تحميل اثاث بيتهم وغادروا المدينة دون وداع جارهم ابو زينب او وداع ام زينب لخوف ابو دلال من زوجته التي جاءت معه لنقل الاثاث ؛؛وخجلاُ من جاره وخوفه من لقاءه وحيرته بماذا يقول له لو التقى به الرجل الطيب الكريم ؛ لهذا قرر ان ينقل اثاثه نصف الليل تفادياً من رؤية جاره أو وداعه ، كل ذلك بسبب غيرة زوجته وسوء ظنها….
محمد علي ابراهيم الجبير

‫شاهد أيضًا‬

بعثة العتبة الحسينية الطيبة نستمر بدعم النازحين في لبنان وتؤمن خدمات غسيل الكلى ل 400 مريض

العراق / مكتب بغداد كتب الأعلامي الدكتور جمال الموسوي بعثة العتبة الحسينية الطبية تستمر بد…