الحياة مابين الارادة والرغبة
بقلم د. شريف عبد الباقي
الإنسان ماهو إلا رغبة وإرادة معا فالرغبة وحدها دون إرادة لاتكفي لأن تعيش … فالإنسان طالما حي يتنفس يظل له رغبات كثيرة ومع تقدم السن يتمسك أكثر وأكثر بما يريد مثل الأطفال … ويلزمه لتحقيق تلك الرغبات إرادة دافعة للتمسك بما يريد … فكل إنسان على وجه الأرض يمتلك إرادة ولايوجد أي إنسان معدوم الإرادة كما يعتقد البعض … الذي يختلف من إنسان لآخر هو اتجاه الإرادة فقط … فهناك إنسان رغباته تسيطر على إرادته وتتحكم فيها وهناك إنسان آخر إرادته هي من تعلو رغباته وتسيطر عليها … وهذا هو الفارق الذي يجعلنا نعتقد أن هناك إنسان معدوم الإرادة وآخر له إرادة .
والكلام دائماً عن تحقيق الذات يكون مرتبط بالإرادة ورائع وجميل …. وأعرف ما يدور في أذهان الغالبية العظمى وهو يستمع لقصص النجاح …. دائماً يردد بداخله إنهم يمتلكون الفرصة وإرادة قوية ولكن أين هي الفرصة التي أمامي لأكون مثلهم وامتلك إرادة لتحقيق ذلك ؟ إنكم لاترون الواقع كما نعيشه وتسبحون في عالم الخيال !!
فهناك الكثير من يبرر لنفسه بأن هناك الكثير من العقبات والحواجز و يرى من الأولى المشاكل التي تُحيطُ به دون البحث أولاً كيفية حلها بواقعية وهناك أيضا من يندفع وراء أحلامه بعيدا عن الواقع دون تخطيط واقعي ويعمي عينيه عن العقبات فيصطدم بها ويسقط ويعلل بأن الحظ لم يحالفه .
هناك نموذجين من الواقع سأحدّثُكم عنهم:
النموذج الأول منتشر كثيرا حولنا فعندما كان يدرس في المرحلة الثانوية كان متأخراً في دراسته …. وعندما يسأله من حوله مالمشكلة ؟ يجيب المدرس لا يُحسن الشرح !! …. بخطىً متعثرة تجاوز مرحلته الثانوية و دخل إلى الجامعة وبعد أول ست أشهر من الجامعة عمل على التحويل من القسم الذي يدرس فيه … لماذا ؟ هناك دكتور لا يفهم ….. والمشكلة أن التخصص الجديد الذي انتقل إليه للأسف وجد فيه دكتور آخر لا يفهم ….. ترك الجامعة وبحث عن وظيفة , وبعد شهرين طرد من وظيفته …. لماذا؟ المدير مُتسلِّط ولا يريد مصلحة العمل …. تزوج و بعد ست أشهر طلق زوجته …. لماذا ؟ زوجته لا تفهم
ترى من الذي لا يفهم ؟ … فرغبته في أن يظل كما هو تسخر إرادته لتحقيق ذلك … فهو بشكل دائم يلقي بالمسئولية على من حوله … في حين أن ما عليه أن يفكر كيف يمكن أن يعالج هذه المشكلة بنفسه … وكيف يمكن أن يتحمل المسئولية و أن يفكر في الحل بأن يجعل إرادته تعلو رغباته .
والنموذج الثاني قصة بطلتها أرى دائماً إنها تستحق التقدير … ويجب جميعنا أن نضرب لها تحية إجلالاً و احتراماً و تقديراً فلديها عزيمة وطموح وبقوة إرادة تسيطر على رغباتها وبأمل ترى هدفها البعيد قريباً …. ربما يكون هدفها صغيرا مجرد نقطة و مع ذلك تجدها سريعة و نشيطة وتعمل بطاقة عالية وجد …. مهما قابلتها العقبات مستمرة في الحركة والعمل لأنها هي المسئولة عن هدفها و ليس أي أحد سواها …. تلك البطلة هي النملة ليست من بني الأنسان … تلك النملة علّمتنا كيف نتحمل المسئولية و علّمتنا كيف تكون إرادتنا فوق رغباتنا فيذكر الخالق لنا في القرآن في سورة النمل ” حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ” …. فكلنا يعلم تلك القصة جيدا ولكن ماذا نتعلم منها ؟؟ …. تلك النملة التي ذكرت في القرآن لم تكن قائدة أو مديرة … ولكن لأنها هي التي تحملت المسئولية وإرادتها تعالت على رغبتها بالنجاة بنفسها فقط فهي التي راحت تصرخ محذرةً النمل : اهربوا .. عودوا إلى مساكنكم احذروا من الخطر القادم … لم تقل ليست مسئوليتي وإنما تحملت المسئولية ولم تتحكم فيها رغبة الأنانية … والذي يتحمل المسئولية سيجد ألف سبب وسبب لكي يتحملها ….وأول تلك المبررات هو أن السبيل الوحيد نحو النجاح هو تحمل المسؤولية .
فبإمكاننا أن نترك رغباتنا هي من تسيطر على إرادتنا و أن نبقى منتظرين الفرصة والوقت المناسب أن يأتوا إلينا وأن نظل طويلاً بإرادة إسميه قوية داخل خيمة الفشل … ولكن عليك أن تعلم جيداً أنه مهما طال انتظارك للفرصة فلن تأتي لأننا نحن من نوجدها والوقت المناسب نحن من نحدده … ولذلك يكون بإمكاننا أن نفكر كيف يمكننا أن ننطلق برغم الظُّروف ونخطط لنتحدى الصعاب التي أمامنا ونحدد موعد الانطلاق …. علينا أن نعلوا بإرادتنا فوق رغباتنا ونتحمل مسئولية تحقيق أهدافنا واختيارتنا … ونختار إلى أي الدروب سنمضي … واعلم أن ثباتك عن التقدم واستمرارك أسير واقع لاتريده ليس اختيارا ولكنه ضياعا وانهيارا
5 اعراض واضحة تنبئ بنهاية اسرائيل
5 أعراض واضحة تنبئ بنهاية إسرائل بقلم ك. احمد أبو الهيجاء باحث في علم الاحتماع السياسي وال…